الفرق بين علم النانو وتكنولوجيا النانو وهندسة النانو

هذا المقال بقلم: د. أحمد نسيم

غالبًا ما يستخدم الناس مصطلحات علم النانو، وتكنولوجيا النانو، وهندسة النانو بالتبادل، فهذه المجالات الثلاث وثيقة الصلة في طليعة العلم الحديث، ومع ذلك توجد بعض الفروقات بينهم، فعلم النانو يختص بدراسة خصائص الهياكل، والمواد على نطاق صغير للغاية، بينما تتعامل تكنولوجيا النانو مع الجسيمات النانوية من خلال اشتقاق المفاهيم النظرية والقوانين الحاكمة لها، أمّا الهندسة النانوية فتمثل التطبيق العملي لعلم النانو، مع التركيز بشكل أكبر على الجوانب الهندسية للمجال. 

في هذا المقال، سوف نستكشف الاختلافات بين هذه المصطلحات الثلاث، بالإضافة إلى مزاياها وتطبيقاتها.

ما هو علم النانو؟

• هو أحد العلوم متعددة التخصصات، ويجمع بين الكيمياء، والفيزياء، والهندسة لدراسة المادة ومعالجتها بالمقياس النانوي (النانومتر الواحد هو جزء من المليار من المتر)، ومن ثم فهو يتعامل مع دراسة المادة والظواهر على نطاق ذري، أو جزيئي.
• يركز على فهم الخصائص الفيزيائية، والكيميائية، والبيولوجية على نطاق صغير جدًا من الذرات، والجزيئات الفردية حتى النانومتر، أو الميكرونات.
• أتاح علم النانو العديد من الاختراقات التكنولوجية في مجالات مثل الإلكترونيات، وعلوم المواد، والطب، وإنتاج الطاقة.

ما هي تكنولوجيا النانو؟

• تُعد تكنولوجيا، أو تقنية النانو مجالًا متعدد التخصصات للعلوم والتكنولوجيا، ويركز على دراسة المادة، ومعالجتها، وهندستها على المستوى النانوي (1-100 نانومتر).
• ينطوي على استخدام أدوات، وتقنيات مختلفة لبناء الهياكل، والمكونات، والأنظمة بدقة ذرية.
• تتراوح تطبيقات هذه التقنية من الأجهزة الطبية، والمكونات الإلكترونية، ومواد الطاقة المتجددة، وغيرها الكثير.

ما هي هندسة النانو تكنولوجي؟

• وتُعرف أيضًا بالهندسة النانوية، وتمثل التطبيق العملي لعلم النانو.
• تتعامل مع جميع جوانب تصميم، وبناء، واستخدام المحركات، والآلات، والهياكل على المقياس النانوي.
• تستفيد من الخصائص الفريدة للمواد النانوية لصنع مواد، وهياكل، وأجهزة، وأنظمة مفيدة.
• تتضمن تقنيات التصنيع مثل تقنية البصمة النانوية (NIL)، والطباعة الحجرية بشعاع الإلكترون (EBL)، والطباعة ثلاثية الأبعاد، وعمليات التجميع الذاتي، وتكنولوجيا الحمض النووي، والطباعة الحجرية ثنائية الفوتون (TPL).

اقرأ أيضًا: تعرف على أفضل 6 تخصصات هندسية للدراسة في تركيا

العلاقة بين علم النانو وتقنية النانو والهندسة النانوية

في الواقع فإن هذه التخصصات الثلاثة متداخلة بشكل وثيق، إذ تركز على معالجة المادة على المستوى النانوي، ولكن توجد بعض الفروق الطفيفة فيما بينها على النحو التالي:

• يشمل علم النانو الدراسة النظرية للمواد، والأجهزة ذات الحجم النانوي، ويتضمن كذلك وتطوير مواد وتقنيات جديدة.
•  من ناحية أخرى، فإن تكنولوجيا النانو تستخدم مخرجات علم النانو لإنشاء مكونات، وأنظمة، وتطبيقات جديدة يمكن استخدامها في مجموعة متنوعة من المجالات الصناعية، والطبية.
• وأخيرًا، فإن هندسة النانو هي هندسة تلك المكونات، والأنظمة، والمنتجات، والتطبيقات بشكل عملي.

لذا فيُمكن تلخيص العلاقة بين التخصصات الثلاثة في العبارات التالية:

• علم النانو هو دراسة الظواهر والمواد على مقياس النانومتر.
• تكنولوجيا النانو هي فهم هذه المواد، والتحكم فيها على هذا النطاق لإتاحة تطبيقات جديدة.
• هندسة النانو هي الفرع الهندسي الذي يتعامل مع جميع جوانب تصميم، وبناء، واستخدام الهياكل، والمواد، والأجهزة النانوية.

مزايا دراسة علم النانو وتكنولوجيا النانو وهندسة النانو

توفر دراسة علوم النانو وتكنولوجيا النانو والهندسة النانوية مزايا عديدة، منها على سبيل المثال:

• فهم المواد والهياكل التي يتكون منها العالم بشكل أكبر، وذلك من خلال فهم الفيزياء، والكيمياء للمقياس النانوي.
• إنشاء منتجات، وتقنيات جديدة مفيدة، وتقديم إمكانات كبيرة للتعاون والمساهمة في التقدم التكنولوجي.
• تحسين خصائص المواد مثل زيادة القوة، أو زيادة التوصيل الكهربائي، أو بناء أدوات وآلات أصغر حجمًا، وأكثر كفاءة من نظيراتها التقليدية.
• توسيع الأفق نحو التطبيقات الجديدة في مختلف المجالات مثل الطب، وإنتاج الطاقة، والحوسبة، والروبوتات.

اقرأ أيضًا: دراسة تخصص هندسة الروبوتات في تركيا

تطبيقات علوم النانو وتكنولوجيا النانو وهندسة النانو

ما من شك في أن التطبيقات المرتبطة بهذه العلوم الثلاث واسعة النطاق، ولا حدود لها، ولديها القدرة على إحداث ثورة في العديد من مجالات حياتنا، وفيما يلي نبذة عن بعض منها:

تطبيقات هندسة النانو

• تم تطبيق الهندسة النانوية على وجه الخصوص في مجموعة من الصناعات، بما في ذلك التصنيع، والبناء، والطاقة، والرعاية الصحية.
• تتضمن بعض الأمثلة مثل تطوير مستشعرات نانوية لمراقبة جودة المياه، واستخدام المواد النانوية لتخزين الطاقة، وتطوير آلات نانوية لتوصيل الأدوية.
• إضافة إلى ذلك؛ فقد ساهمت الهندسة النانوية في إنتاج مركبات مثل الأنابيب النانوية الكربونية التي يمكن تركيبها في العديد من التكوينات المختلفة لتطبيقات مختلفة.
• كما تُستخدم الهندسة النانوية أيضًا في عمليات المحاكاة الحاسوبية، وعمليات التصنيع الآلية، وغيرها من التقنيات لإنشاء هذه الهياكل الصغيرة.
•  وأخيرًا؛ تدخل الهندسة النانوية في مجموعة واسعة من التطبيقات في الطب، والطاقة، وعلوم المواد، وغيرها من المجالات، مثل تطوير طرق لاستخدام المواد النانوية لتشخيص الأمراض، ومراقبة الصحة، وصناعة، وتحسين الأدوية.

استخدامات تكنولوجيا النانو 

• نظرًا لتمتع المواد النانوية بخصائص فيزيائية، وكيميائية فريدة مختلفة عن المواد الأكبر حجمًا، فهي تلعب دورًا هامًا في العديد من الصناعات المختلفة.
• على سبيل المثال، يمكن استخدام الجسيمات النانوية لإنشاء خلايا شمسية عالية الكفاءة، وكذلك يمكن استخدام الترانزستورات النانوية لبناء أنظمة حاسوب عالية الكفاءة.
• كما أن تكنولوجيا النانو قد ساهمت في إنشاء مواد جديدة ذات خصائص محسنة مثل زيادة القوة، والمرونة، والمتانة لبعض المواد التي تدخل في مجموعة متنوعة من التطبيقات من تصنيع السيارات، إلى الأجهزة الطبية الحيوية.  

اقرأ أيضًا: كل الفروق بين الهندسة الحيوية والهندسة الطبية الحيوية

بالإضافة إلى ذلك، فإن للنانو تكنولوجي دور هام في الصناعات المختلفة، وفيما يلي أبرز تطبيقات النانو تكنولوجي في الصناعة:

• زيادة كفاءة الأجهزة الإلكترونية.
• تحسين، وسلامة الغذاء.
• زيادة كفاءة الأغشية الداخلة في خلايا الوقود.
• تطوير البطاريات، والخلايا الشمسية.
• تسهيل عملية السفر للفضاء من خلال المساهمة في خفض كمية الوقود المطلوب للصواريخ.
• تنقية الهواء، والمياه.
• توصيل الأدوية بشكل سليم إلى الخلايا المستهدفة داخل جسم الكائن الحي.
• تنمية الزراعة، وزيادة إنتاج النبات.

مخاطر تكنولوجيا النانو

كما أن لعلم النانو، وتكنولوجيا النانو، وهندسة النانو العديد من المزايا المحتملة، فإن للجسيمات النانوية أيضًا بعض الجوانب السلبية المحتملة، ومنها على سبيل المثال:

• صعوبة التحكم بها نظرًا لصغر حجمها المتناهي، ممّا يؤدي إلى سهولة نفاذها من خلال الجلد والرئتين، والأمعاء، وسريانها إلى المخ.
• يؤدي استنشاقها إلى زيادة فرصة الإصابة بالالتهاب الرئوي.
• يؤدي زيادة تركيزها في الهواء إلى زيادة انتشار الأمراض، والوفاة.
• وبناءً على ذلك؛ فلا بد من اتخاذ كافة الاحتياطات الممكنة للعاملين في مجال النانو، وذلك لتجنب استنشاق المواد النانوية، أو ملامستها لجلد الإنسان. 

مستقبل علم النانو وتكنولوجيا النانو وهندسة النانو

ما من شك في أن هذه المجالات تتطور بسرعة في الوقت الحالي، ومن الواضح أنه سيكون لها تأثير كبير على العديد من جوانب حياتنا في المستقبل القريب على النحو التالي: 

• من المتوقع أن تؤدي الهندسة النانوية إلى مزيد من التقدم في تطوير أجهزة أكثر كفاءة وقوة، وإنتاج منتجات أكثر دقة، وبتكلفة أقل.
• مع تقدم تقنية النانو، سيكون من الممكن إنشاء مواد أكثر تعقيدًا بميزات نانوية، وستكون أرخص سعرًا، وأخف وزنًا، وموفرة للطاقة، وللمواد الخام.
• كما يُمكن استخدام المواد النانوية لتحسين كفاءة الخلايا الشمسية، وتقليل استهلاك الطاقة، وزيادة متانة الغرسات الطبية.
• بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للنانو تكنولوجي أن تقلل أيضًا من النفايات، وتنقية البيئة، وجعل عمليات الإنتاج أكثر كفاءة.

وفي الختام يُمكن القول بأن علوم النانو وتكنولوجيا النانو وهندسة النانو هي مجالات وثيقة الصلة، والتي تلعب دورًا هامًا لتطوير البحث والهندسة في القرن الحادي والعشرين، وعلى الرغم من التداخل الواضح بينهم إلا أن خيطًا فاصلاً يفرق بينهم، فعلم النانو هو دراسة الهياكل والجزيئات على المقياس النانوي، وتكنولوجيا النانو هي علم وتكنولوجيا الكائنات في هذه المقاييس، بينما تمثل هندسة النانو التطبيق العملي، والهندسي لعلم النانو، وهذه المجالات الثلاثة تقدم مجموعة واسعة من المزايا في الوقت الحالي، ومع استمرار تقدم التكنولوجيا، من المحتمل أن تستمر هذه المجالات في كونها حيوية للتقدم في مجتمعنا.

المصادر

What Is the Difference Between Nanoengineering and NanotechnologyNanoengineeringWhat Is Nanotechnology